إصدار صحفي حول توظيف حصار المدنيين في الغوطة الشرقية لدمشق كأداة حرب

By 15/02/2018أخر الأخبار

غازي عنتاب ، 14 شباط/فبراير 2018

من مسؤوليتها الأخلاقية تجاه المحتاجين المحاصرين في غوطة دمشق الشرقية ، تدعو المنظمات الإنسانية السورية غير الحكومية النظام الحاكم في دمشق وداعميه إلى السماح بإيصال المساعدات والخدمات الإنسانية فورا وإلى إيقاف كافة الاستهدافات للمنشآت والمرافق المدنية في الغوطة الشرقية. وتدعو كذلك أعضاء مجلس الأمن الدولي ووكالات الأمم المتحدة وممثليها إلى التحلي بمسؤولياتهم تجاه حماية المدنيين في حالات الصراع وتطبيق إجراءات فاعلة وفورية تنهي معاناة السكان المحاصرين وتوظيف الحصار ضدهم كأداة حرب.

منذ أربع سنوات وأربع أشهر يفرض النظام السوري حصارًا خانقا على حركة المدنيين والبضائع التجارية والمساعدات الإنسانية من وإلى غوطة دمشق الشرقية. يتم السماح بكميات محدودة جدا من المساعدات الإنسانية بالوصول من حين لآخر. تتسم هذه المساعدات التي تتم الموافقة عليها بالتباعد الكبير بينها وعدم كفايتها لعدد السكان المحاصرين المحتاجين وعدم تناسبها مع نوع احتياجهم. يتم نزع كافة المواد الطبية الهامة مثل الأدوات والأدوية اللازمة للعمليات الجراحية من القوافل الإنسانية ، كما يتم حذف العديد من المواد الهامة والضرورية لحياة السكان على حساب السماح بكميات كبيرة من مواد لا تمتلك أهمية في إنقاذ الأرواح مثل حفاضات الأطفال والشامبو وغيرها من المواد التكميلية.

يتم السماح من حين لآخر لكميات محدودة للغاية من المواد التجارية بالدخول إلى الغوطة الشرقية. يتم فرض رسوم كبيرة جدا على هذه المواد مما يتسبب في غلاء أسعارها بشكل يفوق قدرة السكان على الشراء بعدة أضعاف. تذهب هذه الأموال للأسف لتمويل الحرب والحصار المستمر على هؤلاء المدنيين. إضافة إلى ما سبق ، تتعرض الغوطة الشرقية المكتظة بالسكان والبالغ عددهم نحو أربعمئة ألف نسمة إلى قصف ممنهج بالطيران الحربي والصواريخ المدمرة التي تستهدف بشكل خاص التجمعات المدنية كالمستشفيات والمدارس والأسواق.

إن هذا الاستهداف الممنهج والمستمر للمدنيين والمترافق مع حصار يهدد بإبادة جماعية للسكان لهو بحق جريمة ضد الإنسانية. يقف المجتمع الدولي متفرجا إزاء ما يحصل في غوطة دمشق. تحولت الدول العظمى في مجلس الأمن إلى نشطاء حقوق إنسان لا أكثر. إن سقوط الإنسانية في الغوطة الشرقية قد بلغ حده الأقصى. ترفض وكالات الأمم المتحدة ومؤسسات حقوق الإنسان تصنيف هذه الجرائم على حقيقتها وذلك للتهرب من مسؤولياتها الإنسانية.

أصدرت الأمم المتحدة في سوريا بيانا صحفيا بتاريخ السادس من شباط – فبراير/ ألفان وسبعة عشر طالبت فيه بإيقاف الأعمال العدائية لمدة شهر في سوريا لإيصال المساعدات والخدمات الإنسانية للمحتاجين. وفي تناقض واضح أكدت في نفس البيان أن الوصول إلى المناطق المحاصرة في سوريا متعطل بسبب القيود المفروضة وأنها قادرة على إيصال قوافل إنسانية لأكثر من سبعمئة ألف شخص خلال شهرين في حال السماح بالوصول. مع أهمية إيقاف الأعمال العدائية لحماية المدنيين وتخفيف المعاناة الإنسانية إلا أن ربط الاقتتال الداخلي في سوريا بالوصول الإنساني هو خلل كبير في معالجة المشكلة. من المعيب التستر على المتسبب الأساسي في معاناة المدنيين والجريمة الإنسانية المرتكبة بحقهم.

رغم أن الحرب السورية مستمرة منذ أكثر من سبع سنوات إلا أن الوصول الإنساني لم يتوقف تقريبا في أي مكان عدا تلك التي تعرضت إلى الحصار بشكل متعمد من أطراف الصراع. لم ينتج عن هدوء جبهات القتال في الغوطة الشرقية خلال التطبيق الأكثر صرامة لاتفاقيات مناطق خفض التصعيد في النصف الثاني من عام ألفين وسبعة عشر أي تحسن يذكر في الوصول الإنساني بحسب أرقام الأمم المتحدة نفسها. إن المطالبة بإيقاف حرب مستعرة في سوريا منذ سنوات لأجل إيصال المساعدات للمدنيين هو تحوير للحقائق حول المتسبب الأساسي في الجرائم ضد الإنسانية وإيهام غير مقبول بتساوي أطراف الصراع في المسؤولية عن معاناة المدنيين في الغوطة الشرقية.

يعد حصار الغوطة الأطول والأكثر دموية في تاريخ البشرية الحديث. لقد استمر حصار حلب الشرقية في عام ألفين وستة عشر لمدة ست أشهر تقريبا ، ورغم عدم تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كبير في حلب الشرقية بسبب وجود مخزونات جيدة من المواد الغذائية والطبية إلا أن الحصار انتهى بهزيمة عسكرية للمقاتلين غير الحكوميين وتهجير غالبية السكان المحاصرين إلى مناطق أخرى.

إن حصار الغوطة مستمر منذ أكثر من أربع سنوات ورغم المعارك المحتدمة على جبهات القتال حولها فإنه يتم معاقبة السكان المدنيين المحاصرين بشكل جماعي بالتجويع والمرض والقتل الممنهج. لقد آن للأمم المتحدة والدول كافة أن يتحركوا فورا لإيقاف هذه الجريمة الكبرى بحق الإنسانية. لقد آن للنظام السوري في دمشق أن يستوعب بأن المعارك يتم حسمها على جبهات القتال ، لا عبر بطون الأطفال والأمهات الجوعى ولا عبر جراح وأمراض كبار السن والمستضعفين.

إن استهداف المدنيين في سوريا من كافة الأطراف هو أمر مرفوض ويجب إيقافه والعمل على محاسبة منفذيه أيًا كانوا. إن الأخبار الواردة حول عدد من الوفيات التي حدثت في مدينة دمشق جراء قذائف أطلقت من جهة الغوطة هو أمر مستنكر ومدان أيا كان فاعله.

لمزيد من المعلومات ، يرجى التواصل:

خالد مصطفى: منسق المناصرة والتواصل في تحالف المنظمات السورية غير الحكومية ، +905316929229، [email protected]

محمد الحمادي: منسق تحالف المنظمات السورية غير الحكومية ، +905383685851 ، [email protected]